يعتبر سرطان المثانة (Bladder cancer) بمثابة الورم الرابع من حيث نسبة الانتشار لدى الرجال، والثامن لدى النساء. يتم سنويا، في الولايات المتحدة، تشخيص قرابة 50،000 حالة جديدة، يتوفى ما يقارب خمسهم، بسبب سرطان المثانة. لدى قرابة 80% من المرضى، يتم اكتشاف ورم سطحي لا يخترق عضلات المثانة، بينما لدى 20% يتم اكتشاف سرطان المثانة في مراحل متقدمة.

على الرغم من علاج سرطان المثانة ، يميل الورم السطحي إلى الرجوع (Recurrence)، بل يرجع، أحيانا، بعد مرور سنوات كثيرة، لم يظهر خلالها أي دليل لسرطان المثانة. إن التطور من مرض سطحي إلى مرض متقدم، يتعلق بمرحلة المرض ودرجة التمايُز (Differentiation). لدى 3% من المصابين بالمرض السطحي، يظهر الورم، لاحقًا، في نظام التوزيع (distributer system) العلوي (الحالب، والحُويضة – Ureter and renal pelvis)، وفي حالة مواجهة المرضى لخطر متزايد، تزداد النسبة حتى 38% خلال المتابعة طويلة الأمد.

أنواع الأورام: إن مصدر معظم أورام المثانة (95%) في الدول المتطورة، هي من الظِهارَة (Epithelial) الإنتقالية (سرطانة الخلايا الإنتقالية – Transitional cell carcinoma)، وما تبقى هو من نوع خلايا الظِهارة الحرشفية (Squamous cell). وتكون نسبته أكبر في الحالات المتعلقة بحِكَّة (Itching) مزمنة في المثانة أو بسب طفيلي البلهارسيا (Schistosoma)، وفي حالات نادرة يكون الورم من نوع سرطان الغُديّ (Adenocarcinoma).

مراحل سرطان المثانة ودرجات خَباثته: يتم تحديد مرحلة سرطان المثانة حسب درجة إختراق الورم لجدار المثانة.

Ta– ورم حُلَيمِيّ (Papillary) ينحصر في الظِهارَة  ولا يخترق الصَفيحة المخصوصَة (lamina propria).

سَرَطانَةٌ لابِدَة (Carcinoma in situ) – ورم مسطح يَرشُح عبر الغشاء المخاطي ويكتنف مساحات واسعة يتواجد جزء منها تحت طبقة الغشاء المخاطي السليمة، ولذلك، غالبا ما لا يمكن اكتشافه واستئصاله بالكامل.

T1– ورم يخترق الصفيحة المخصوصَة ولكنه لا يخترق عضلة المثانة.

T2a– ورم يخترق النصف الداخلي لعضلات النَّافِصَة (Detrusor).

T2b– ورم يخترق النصف الخارجي لعضلات النَّافِصَة (Detrusor).

T3– ورم يخترق طبقة دهنية حول الأوعية الدموية.

T4– ورم يخترق أعضاء الحوض أو جدار الحوض. وهناك، أيضًا، تصنيف مجهري (هيستولوجي – Histologic) لدرجات التمايُز: 1  (مُنْخَفِضُ الدَّرَجَة – Low grade) حتى 3 (رَفيعُ الدَّرَجَة – High grade). إن الدمج بين هذين التَدريجين يُمكّن من توقع سير المرض السريري.

أسباب وعوامل خطر سرطان المثانة

تشمل عوامل خطر الإصابة بسرطان المثانة: جنس المذكر، الجيل المتقدم، التدخين، التعرض للمواد المُسرطنة (Carcinogenic) في صناعة المطاط والطلاء (أمينات أروماتيّة – Aromatic amine)، التعرض لأدوية من نوع سِيكْلُوفُسْفاميد (دواء مُضاد للأورام – Cyclophosphamide) وزرنيخ (Arsenic)، والالتهاب المزمن بسبب حصى المثانة، جسم غريب (قثطرة دائمة – Permanent catheter) والتلوث المزمن جراء طفيلي (داء البلهارسيات – Schistosoma).

علاج سرطان المثانة

 يجب على المريض الذي تم تشخيص بيلة دموية  لديه (دم في البول) لا يصاحبها الألم، إجراء فحص للبول للتأكد من وجود خلايا خبيثة، وإجراء تصوير وريدي للجهاز البولي، وإجراء تنظير للمثانة (Cystoscopy) بأسرع ما يمكن. إذا أظهر تنظير المثانة وجود آفة، يجب مواصلة الاستئصال عبر الإحليل (Transurethral Resection of Bladder TumorTUR – BT). وإذا ما ظهر في التشخيص بأن الآفة هي سرطان مثانة يخترق العضلة فيجب استكمال الفحص بهدف نفي إمكانية وجود إنتشار نَقيلِيّ (Metastatic). إن الفحوصات اللازمة لذلك هي تصوير مقطعي محوسب (Computational tomography) للبطن والحوض، تصوير القفص الصدري، مسح للعظام وفحوصات دم لأداء الكبد، وفحص فُسْفات قَلَوِي (Alkaline phosphatase) – وتهدف هذه الفحوصات لنفي احتمال انتشار عُقد الليمفا في الحوض وفي الفراغ الخلفي الصفاقي (peritonaei)، للرئتين، الكبد والهيكل (Skeleton).

إذا لم يخترق الورم العضلة، وتم استئصاله بشكل كامل، ولا يواجه المريض عوامل خطر رجوع الورم، يتم إرسال المريض لاستكمال المتابعة الطبية. إذا تواجدت عوامل خطر رجوع الورم (مرض في المرحلة T1، مرض متعدد البؤر، تدريج هيستولوجي مرتفع أو تكرار المرض في الماضي) يجب الاقتراح على المريض إجراء علاج مكمل بواسطة الشطف بالعلاج الكيميائي (Chemotherapy) أو العلاج المناعي (Immunotherapy) للمثانة. يتم الشطف بعُصَيَّاتُ كالْميت غيران (Bacille Calmette – Guerin – BCG) (جرثومة سل ضعيفة) و ميتُوميسِين (مُضادٌّ حَيَوِيٌّ مُضادٌّ للأَورام) (MMC – Mytomicin). بالإضافة إلى البروتوكولات (protocol) الأسبوعية، لمدة 6-8 أسابيع، لضمان منع رجوع الورم، هناك بروتوكولات لعلاجات مُداومة تستمر لعدة سنوات بعد الإستئصال. لقد أضيفت في السنوات الأخيرة، علاجات أخرى، مثل دواء جيمستابين (Gemcitabine) أو التكنولوجية التَآزُرِيَّة (synergos technologies) التي تدمج بين المعالجة الكيميائية والتسخين. في حال تشخيص مرض يخترق عضلة المثانة، يجب القيام بإستئصال جذري (Radical) للمثانة. في هذه الجراحة يتم استئصال البروستاتة والحويصلات المنوية (Seminal Vesicle) لدى الرجل، أما لدى المرأة فيتم استئصال الرحم والبُوقِ والمَبِيْض (Salpingo – oophorectomy) والجزء الأمامي من المهبل. بالنسبة للمريض الذي يعاني من التكرار المتعدد البؤر للمرض من نوع T1 رفيع الدرجة (T1 high Grade) يمكن التوصية بعلاج مماثل لعلاج المرض الباضع. أما بالنسبة لمريض يعاني من آفة وحيدة البؤرة بدرجة T2 والتي استؤصلت بالكامل، ولم يتم العثور خلال الفحص على أي  دليل لبقايا المرض، فيمكن فحص إمكانية الاكتفاء بالعملية المُنجزة، أو إجراء جراحة لصيانة المثانة، أو إجراء تصوير إشعاعي للمثانة باضافة  مادة السيسبلاتين (Cisplatin) التي تشكل علاجا كيميائيا وتؤدي، أيضًا لزيادة حساسية خلايا الورم للإشعاع. ترتبط الجراحة التقليدية للمثانة بإعادة بناء المسالك البولية، إما عن طريق صنع مخزن شبيه بمثانة جديدة من الأمعاء (في الغالب الأمعاء الدقيقة – اللفائفي (Ileum)، أو تحويل البول إلى جدار البطن بواسطة عروة (loop) من الأمعاء الدقيقة وتشكيل فُغرَة (Stoma). يرتبط اختيار نوع التحويل بعدة عوامل (جيل المريض، أداء الكلى، أمراض معوية إلتهابية مزمنة أو مهارة إجراء قثطرة ذاتية (self catheterization).

في الوقت الذي تكون فيه توقعات سير المرض (prognosis)  لدى المصابين بورم سطحي من نوع سَرَطانَةُ الخَلاَيا الاِنْتِقالِيَّة  (TCC – Transitional cell carcinoma) جيدة، يكون السير السريري في المرض الباضع، في حالات عديدة، مرتبطا بتطور نقيلات. هناك إثباتات، اليوم، على أن العلاجات الكيميائية التي تعتمد على السيسبلاتين (Cisplatin) خصوصا عند إعطائها قبل الجراحة، قد تحسن من توقعات سير المرض (prognosis). كما أن هذا العلاج الكيميائي المُدمج هو، أيضا، العلاج المفضل للمرضى الذين يتم تشخيصهم مع نقيلات وليسوا مُعنين لإجراء جراحة لهم.


أضف تعليقك