القيلة النخاعية السحائية هي شق مفتوح في العمود الفقري، يحصل عندما لا تكون عملية إغلاق العمود الفقري والنخاع الشوكي سليمة. تبرز الأغشية المحيطة بالنخاع الشوكي  (spinal cord) لخارج الفقرة المفتوحة، وتخرج بعض الأجزاء العصبية المغلفة بالأغشية من النخاع الشوكي إلى الخارج، من الجهة الخلفية. 

يتم تصنيف الشق المفتوح في العمود الفقري (السِّنْسِنَةُ المَشْقوقةُ المَفْتُوْحَة – Spina bifida aperta) وفق ثلاثة مستويات:

أ. الحالة الأكثر شيوعا هي القِيلَةٌ النُخاعِيَّةٌ السِحائِيَّة (Meningomyelocele). وهي خروج مكونات النخاع الشوكي المغطاة بنسيج رقيق، والتي تشبه الفطر (fungus) من خلال الشق في الجزء الخلفي. أحيانا يتسرب السائل الشوكي عن طريق هذه الأنسجة.

ب. الحالة الأقل شيوعا هي القِيلَةٌ السِحائِيَّة (Meningocele). وهي خروج مغلفات ومكونات السائل الشوكي دون خروج المركبات العصبية. في هذه الحالة أيضا تكون المغلفات مغطاة بنسيج رقيق أو جلد، وتشبه الفطر.

ج. حالة أخرى هي انْشِقاقُ النُّخاع (Myeloschisis). وهي الحالة التي تكون فيها مركبات الجلد الخلفية للعمود الفقري والأغشية مفقودة تماما، وإذا نظرنا إلى الظهر نرى النخاع الشوكي مكشوفا تماما.

عادة، يكون أداء النخاع الشوكي الوظيفي العصبي تحت الشق مضطربا، إن لم يكن معدوما. لذلك، كلما كان الشق أعلى ويشمل أجزاء أكبر من النخاع الشوكي، يكون الاضطراب العصبي أوسع وأخطر.

1. إصابات عصبية وعصبية جراحية (neurosurgery) في عدد من المركبات الفرعية:

 أ. إصابة حركية (motoricity – القدرة على تحريك الساقين) مع وجود شلل.

 ب. إصابة حسية استشعارية (sensory).

ج. إصابة في أعصاب المثانة (urinary bladder) وفتحة الشرج (anus)، من الممكن أن تسبب السلس (incontinence).

د. لدى معظم الأطفال الذين يعانون من الشق المفتوح في العمود الفقري، يكون هنالك شق اٍضافي في منطقة الاتصال بين الرأس والرقبة. في هذه الحالة، يكون هنالك هبوط في مكونات المخيخ (cerebellum)، جذع الدماغ (brain stem) وأجزاء أخرى من الثقب الخلفي لداخل القناة السيسائية (spinal canal). تعرف هذه المتلازمة باسم متلازمة أرنولد خياري من النوع الثاني (Arnold – chiari syndrome type 2).

نتيجة لذلك، يكون هناك خلل في تصريف سوائل الدماغ، وتحصل إصابة بـ “موه الرأس” (hydrocephalus). بناء على هذا، فإن معظم الأطفال الذين يعانون من الشق المفتوح، عادة ما يحتاجون في وقت مبكر لتثبيت أنبوب في أجسامهم، يعمل على تصريف السوائل الزائدة من الدماغ إلى البطين (تحويلة بطينية صفاقية – ventriculoperitoneal shunt).

2. اضطرابات في المسالك البولية: بسبب ضعف المصرات (sphincter)، من الممكن حدوث خلل في الأداء الوظيفي للمثانة. ونظرا لهذا الاضطراب في إخلاء البول من المثانة، يصبح هنالك احتمال كبير جدا، لدى هؤلاء الأطفال، للإصابة بالتهابات المسالك البولية. يكون معظم الأطفال بحاجة للجمع بين القسطرة (catheterization) والعلاج بالأدوية، وذلك من أجل منع التهاب المسالك البولية، وكذلك من أجل الفطام عن ارتداء الحفاظات.

3. عمل الأمعاء – عند غالبية الأطفال  تجتمع مشكلتان: الأولى هي عدم سلامة فتحة الشرج (Anus)، والثانية هي القولون عصبي المنشأ (neurogenic). نتيجة لذلك يصيب بعضهم إمساك يمكن علاجه من خلال اتباع نظام غذائي سليم و/أو حقنة شرجية (عدة مرات في الأسبوع).

 4. إصابات في العظام – وهي إصابات قد تؤدي إلى انحناء (جنف – scoliosis) في الظهر، أو خلل في مبنى الساقين ومفاصل الفخذين. بعض المشاكل العظمية، يمكن علاجها من خلال العلاج الحركي الطبيعي (physiotherapy)، بينما تتطلب بعض الحالات الأخرى إجراء عملية جراحية للعظام في مرحلة لاحقة.

 5. الأداء الذهني – بشكل عام، لا يكون لدى معظم الأطفال الذين يعانون من الشق المفتوح في الحبل الشوكي غير المصحوب بعيوب دماغية، أي خلل في الأداء العقلي. لكن في بعض الحالات، يعاني عدد منهم من العسر التعليمي.

بالعادة، يتم اٍرسال الطفل بعد ولادته فورا إلى علاج عصبي جراحي (neurosurgery). ونظرا لأن الشق مفتوح، فإنه من الممكن أن تتسرب السوائل من الدماغ، وتسبب تلوثا في الجهاز العصبي المركزي (التهاب السحايا – meningitis). لذلك، يتم إجراء عملية جراحية للطفل خلال اليوم الأول أو الثاني بعد الولادة من أجل إغلاق الشق. خلال العملية الجراحية، يتم إغلاق الشق في الظهر، بحيث يتم منع تسرب السوائل وحدوث الالتهاب. لكن العملية الجراحية لا تقلل من سوء حالة الشلل ولا حتى من الضرر العصبي الحاصل في الجزء الموجود على مستوى الشق وما تحته. كذلك، يحاول الطاقم الطبي، خلال العملية الجراحية، ترميم النفق السيسائي (spinal canal) قدر الإمكان للحد من انتشار العدوى في المستقبل، وكذلك للحد من الهبوط في النخاع الشوكي.

بإمكان الأطفال المصابين بانشقاق العمود الفقري أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي ونشط. كذلك، بإمكان معظمهم أن يمشوا لمسافات معقولة بمساعدة جبيرة للأرجل. لكن على الأغلب سيحتاج هؤلاء الأطفال لكرسي متحرك أيضا من أجل التنقل. يتعلق مدى الإعاقة بارتفاع وموقع الفقرة المصابة. فعلى سبيل المثال، لا يعيق العيب الموجود على ارتفاع عظم العجز (sacrum) عملية المشي العادية دون الحاجة لجبائر أو عكاز. كما يستطيع معظم الأطفال الذين يعانون من خلل بهذا المستوى، وبمساعدة العلاجات المذكورة، أن يتحكموا بالمصرات.

بشكل عام، يتمتع الأطفال الذين يعانون من انشقاق العمود الفقري بمستوى ذكاء عادي.

الوقاية من القيلة النخاعية السحائية

من أجل منع حدوث هذا الخلل لدى المولود (الجنين)، تـُنصح الأم بالبدء بتناول حمض الفوليك (folic acid) قبل الحمل بثلاثة أشهر، والاستمرار بتناوله خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الحمل. يقلل تناول حمض الفوليك من خطر وإمكانية الإصابة بعيوب وتشوهات الجهاز العصبي المركزي بنسبة 70%-50%. حمض الفوليك هام جدا لتطور الجهاز العصبي المركزي للجنين، ويساعد تناوله على الحد من مخاطر حدوث عيوب خلقية أخرى مثل الشفة المشقوقة، الحنك المشقوق وأنواع أخرى من العيوب التي قد تصيب القلب.

 

Write a Reply or Comment